ما وراء المحاولات السعودية للسيطرة على ميناء الحديدة..؟
يمنات – صنعاء
قبل بضعة أيام حذّرت الأمم المتحدة التحالف الذي تقوده السعودية من أي محاولة لمدّ الحرب إلى ميناء الحُديدة اليمني الذي يمثل نقطة حيوية على البحر الأحمر لتسليم المساعدات.
وعبّرت الأمم المتحدة في بيان عن قلقها إزاء احتمال قيام التحالف السعودي بمهاجمة ميناء الحُديدة ما سيتسبب في تفاقم المعاناة الإنسانية وزيادة الخسائر البشرية في اليمن.
ويحظى هذا البيان بأهمية خاصة باعتبار أن مجلس الأمن الدولي دأب على غضّ الطرف عن الجرائم السعودية ضد الشعب اليمني طيلة السنتين الماضيتين بدعوى السعي لإعادة نظام الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” إلى السلطة في اليمن.
وهذه ليست المرة الأولى التي يسعى فيها التحالف السعودي للسيطرة على ميناء الحُديدة منذ بدء عدوانه على اليمن في آذار/مارس 2015، إلاّ أن مجلس الأمن اضطر هذه المرة للتحذير من شنّ هجوم على هذا الميناء بسبب الانتقادات الواسعة والضغوط الشديدة التي مارستها المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان لما يحظى به هذا الميناء من أهمية في إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني الذي يتعرض لحصار شامل.
وميناء الحُديدة هو الوحيد من بين الموانئ اليمنية الذي يستخدم حتى الآن لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني. وفي وقت سابق دمّرت طائرات التحالف السعودي خمس رافعات مما اضطر عشرات السفن للاصطفاف قبالة ساحل الحُديدة نظراً لتعذر تفريغها.
وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن باتوا بحاجة ماسّة وعاجلة للمساعدات الغذائية والطبية. وأوضح “ديفيد بيزلي” الرئيس الجديد لبرنامج الأغذية العالمي أن اليمن يتعرض حالياً إلى مجاعة ونقص شديد في الأغذية والأدوية، وفي حال تم إغلاق ميناء الحُديدة ستحل كارثة إنسانية لايمكن التكهن بأبعادها في هذا البلد.
كما حذّرت منظمة الهجرة العالمية من احتمال تشريد ما بين 200 – 500 ألف شخص في حال تمت مهاجمة ميناء الحُديدة، فيما أكد نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “ستيفن أوبراين” بأن الهجوم على هذا الميناء سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الغذائية والإنسانية في اليمن.
أهمية ميناء الحُديدة
يحظى هذا الميناء الواقع قرب مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر وكذلك قرب العاصمة اليمنية “صنعاء” بأهمية استراتيجية باعتباره يمثل شرياناً اقتصادياً حيوياً، وفي حال تمت السيطرة عليه أو محاصرته بشكل كامل من قبل التحالف السعودي ستواجه جميع المدن اليمنية بما فيها صنعاء أزمة غذائية خانقة، ولهذا تبذل القوات اليمنية بقيادة حركة أنصار الله جهوداً استثنائية للحيلولة دون حصول هذا الأمر.
ومن الأهداف الأخرى التي يسعى التحالف السعودي لتحقيقها من خلال السعي للسيطرة على ميناء الحُديدة هو التحكم بحركة السفن القريبة من اليمن في البحر الأحمر ومنعها من إيصال أي إمكانات مدنية أو عسكرية للشعب اليمني وقواته المسلحة، خصوصاً بعد أن قامت القوات الأمريكية باستهداف الأنظمة الرادارية اليمنية في ميناء الحُديدة قبل بضعة أشهر إثر مزاعم بشأن تعرض سفينة سعودية إلى إطلاق نار من قبل القوات اليمنية.
وبعد أن عجزت السعودية عن السيطرة على ميناء الحُديدة بدأت تطالب بوضعه تحت إشراف قوات دولية، وهذا السيناريو من شأنه أن يمهد الأرضية لتوافقات بين الرياض وواشنطن لإيجاد منطقة حظر جوي في اليمن في إطار خطة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الرامية إلى تعزيز تواجد قوات بلاده في عموم المنطقة.
وكان المبعوث الخاص للأمین العام للأمم المتحدة إلى الیمن “اسماعیل ولد الشیخ أحمد” قد دعا في وقت سابق إلى وضع ميناء الحُديدة تحت إشراف “قوات محايدة” لم يسمّها للسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.
وقال المبعوث الأممي إنه تقدم بمقترح من شقين لتسوية قضية الميناء، الأول عسكري وأمني، والثاني يتعلق بلجنة اقتصادية ومالية، معرباً عن أمله في تجنيب الميناء معركة قد تمنع دخول نحو 80 بالمئة من المساعدات الإنسانية إلى بلد يعاني أخطر أزمة إنسانية، الأمر الذي قد يحظى بموافقة حركة أنصار الله لحاجة اليمن إلى إبقاء هذا الميناء بعيداً عن أجواء الحرب والأعمال القتالية لتأمين دخول المساعدات خصوصاً الأغذية والأدوية وغيرها من الإمدادات الضرورية.
المصدر: الوقت